استمعت مثل كثيرين غيري الى الحوار الذي اجرته قناة المملكة مع ضابط الجيش مصطفى الحياري, فعلى قلة ظهورهم الاعلامي, الا ان رجال الجيش العربي – القوات المسلحة- يملكون رصيدا شعبيا مدهشا, ويملكون حضورا وازنا ورزينا على وسائل الاعلام, بحكم قواعد الانضباط في العسكرية الاردنية اولا وبحكم تمسكهم بثوابت القسم الذي اقسموه عند دخولهم معترك الشرف, فالضابط تحدث بلغة هادئة رغم جسامة المعركة التي تخوضها قواتنا المسلحة على الحدود الشمالية.
تحدث الرجل بمعلومات دقيقة وتحليل عميق لما يجرى على الحدود الشمالية, عن حرب المخدرات, وهي حرب بمعنى الكلمة, مجموعات منظمة بوحدات استطلاع وباعداد كبيرة قياسا بسلوك التهريب والمهربين, والاهم بدعم لوجستي ملفت, وبادوات تقنية رفيعة المستوى, لا يملكه مهرب او عصابة تهريب, وبنفس اللغة الهادئة قدم الرجل تحليلا منهجيا للواقع السياسي والعسكري على هذه الجبهة, وكلها رسائل تكشف مدى المعرفة وحجم الفهم للواقع الجيوسياسي لما يجري في سورية ومنطقتها الجنوبية.
كلنا سعداء بحجم الدعم والتأييد التى أبداها كثير من الناس لجيشنا, الذي لا يقبل اي اردني التشكيك بمهنيته وحرفيته وقبل كل ذلك وطنيته الطاغية حد العقيدة, فوطنية الجيش العربي – القوات المسلحة – ليست محط سؤال او تساؤل, في الحرب وفي الجوائح وفي السلم.
وكنت قد تساءلت لماذا نسمع ونشاهد جنوداً فى دول محيطة بنا تحارب الارهاب مثلنا باشكاله والوانه المتعددة وآخرها التهريب الممنهج، لكنهم يخلعون زيهم العسكري، ويفرون من مواقعهم، ويتركون أسلحتهم، ولا يدافعون عن النساء والأطفال والعجائز الذين هم مسؤولون عنهم أمام الله والوطن؟
فالعسكري منا يذهب إلى مكان المعركة وهو يعلم يقيناً أن حياته مستهدفة وان دمه مطلوب، لكنه يعلم أن واجبه أمام الله وأمام أهله ووطنه الذى يتشرّف بحمل أمانة الدفاع عنه أهم من روحه ودمه, وهنا اسأل في غمرة السوداوية التي تجتاحنا, ألا يُفكر بعض شبابنا لماذا يظل العسكر في وطننا, على مواقفهم فى الدفاع عن بلدهم، رغماً عن وجود قوائم اغتيال فيها أسماؤهم، أو حتى دون هذه القوائم، هم يعلمون أنهم هدف محتمل لكل «خسيس» يظن نفسه مدافعاً عن دين الله الذى هو منهم براء او من اجل حفنة دولارات؟
ألم يسأل بعض شبابنا المتشككين أنه لم يزل على أرض هذا البلد من يعمل لله والوطن والحياة الكريمة لجموع الاردنيين؟
بعد حادثة الشهيد معاذ الكساسبة, تسابق نسور الاردن على من يذهب للثأر لدم معاذ, وليس لدي مصدر سرّي, لكنني علمت ان كثيراً منهم غضب جدا لعدم نيله هذا الشرف, في كثير من المفاصل والتحديات, الغى كثير من أبناء قواتنا المسلحة إجازتهم بانفسهم ودون استدعاء, في رمضان وعلى الجبهة الساخنة ورغم كل الظروف, الجنود والضباط المسيحيون صائمون من تلقاء انفسهم فعلا, من الفجر للمغرب.
الروح المعنوية مرتفعة جداً, الخصم يخسر ويموت ومن وقع في الأسر كان جبانا ورعديدا بل وبكى مثل الثكالى, بانه مضحوك عليه, والرجال جاهزون ويمنحون المجتمع كله الثقة والامن والامان, هل تعلمون السر فى كل هذا؟ إنه القسم, قسم الجندية الشريف, فنحن نعلم ان رواتبهم بالكاد تكفي للعيش, وان امتيازاتهم هي بأضيق الحدود, رغم من حاول التشكيك والتشويه, إما لجهالة او تآمر, لكنهم على عهدهم ورزانتهم باقون, فكمّ الهدوء الذي ابداه ويبديه كل ضباط وافراد جيشنا العربي هو ناجم عن يقين الايمان والوفاء لقسم الجندية الشريف, هذا القسم هو ما سيجعلنا نتقدّم, حين يتحوّل من قَسَم الجندية إلى قسم المجتمع كله.